العنف الجنسي
تعيش مجتمعاتنا العالمية في زمن مليء بالتحديات والتغيرات ومن بين هذه التحديات تبرز قضية العنف الجنسي، سواء كان في مناطق السلام أو مناطق النزاع والحرب، ويُعَد العنف الجنسي ظاهرةً معقدة تؤثر على الضحايا بشكل كبير وتهدد سلامتهم الجسدية والنفسية بشكل عظيم، فضلاً عن تأثيرها على المجتمعات والبيئات التي تحدث فيها، ففي مناطق السلام، يمكن أن يشمل الاعتداء الجنسي على، الاغتصاب أو التحرش الجنسي والاعتداء الجنسي على الأطفال والاحتجاز الجنسي داخل الأسرة والاغتصاب من قبل الزوج ، وهذا يمكن أن يحدث في مختلف السياقات مثل المنزل وأماكن العمل والمجتمع بشكل عام.
يحدث العنف الجنسي في كل مجتمع ويؤثر على الأشخاص من جميع الأجناس والأعمار
والعنف الجنسي: هو "أي فعل جنسي أو محاولة للحصول على فعل جنسي، أو تعليقات، أو محاولات أو أفعال جنسية غير مرغوب فيها من شأنها أن تهدد الحياة الجنسية للشخص باستخدام الاكراه أو التهديد بالإيذاء أو القوة البدنية من قبل أي شخص بغض النظر عن العلاقة مع الضحية أو أي موقع، بما في ذلك على سبيل المثال والحصر المنزل والعمل. ويشمل العنف الجنسي، على الأقل، الاغتصاب /محاولة الاغتصاب والاعتداء الجنسي والاستغلال الجنسي
وينقسم العنف الجنسي إلى ما يلي
الاغتصاب
أي فعل مؤذي مرتكب ضد إرادة الفرد يستند إلى ما ينسبه المجتمع من فروقات بين الذكور والاناث. وتختلف طبيعة ودرجة الانواع المحددة من هذا العنف من ثقافة إلى أخرى ومن بلد أخر ومن منطقة أخرى.
هتك العرض
هو العنف الذي ينتج عنه اضطراب ّ في السلوك العقلي أو يسبب ألمًا نفسيا أو عاطفيا مثل
الاهانة والشتم، التحقير والعزل عن الاهل والاصدقاء، والحرمان التعسفي للحقوق
التحرش الجنسي
يفهم مصطلح "التحرش الجنسي" على أنه أي سلوك غير مرغوب فيه ذات طبيعة جنسية يجعل الشخص يشعر بالإهانة أو الذل و/ أو التخويف و/أو المس بكرامته. ويشمل ذلك الحالات التي يطلب فيها من شخص ممارسة نشاط جنسي كشرط للتوظيف وكذلك الحالات التي تخلق بيئة عدائية أو مخيفة أو مهينة للمتلقي
يمكن أن يتضمن التحرش الجنسي فعلاً واحداً أو أكثر والأفعال التي قد تشكل تحرشاً جنسيا قد تكون جسدية أو لفظية أو غير لفظية أو إيماء أو ايحاء ذات طابع جنسي
التحرش الالكتروني
افعال وسلوكیات تتضمن تلقي مكالمات ھاتفیة مكررة وغیر مرغوب فیھا − استلام رسائل غیر لائقة او صور جنسیة − استغلال صور شخصیة والتھدید بھا − القیام بأفعال غیر لائقة وایحاءات جنسیة عبر وسائل التواصل الاجتماعي − كتابة تعلیقات ذات طابع جنسي − اختراق الخصوصیة والحسابات − طلب القیام بأفعال ذات طابع جنسي عبر فیدیو او صور.
علامات قد تدل على أن الشخص تعرض للعنف الجنسي
الإساءة الجنسية يمكن أن تترك تأثيرات قصيرة وطويلة الأمد ويمكن أن يستمر تأثيرها طوال الحياة مالم يتم علاجها وقد يعيش الأطفال والبالغين مع العديد من الأعراض ونذكر منها:
الحمل
الإيذاء الذاتي
القلق والاكتئاب
مشاعر العار والذنب
ثقة الذات المنخفضة
أفكار انتحارية والانتحار
اضطراب ما بعد الصدمة
صعوبة التعامل مع التوتر
العدوى بالأمراض المنقولة جنسيًا
كدمات في مختلف مناطق الجسم
سوء استخدام الكحول أو المخدرات
التعرض للأحلام المزعجة أو التبول في الفراش
مشاكل في العلاقات مع العائلة والأصدقاء والشركاء
تغييرات في عادات الأكل أو تطوير مشكلة في الأكل
استخدام لغة أو سلوك جنسي لا يُتوقع منهم معرفته
تجنب أن يكونوا وحدهم أو خائفين من أشخاص أو شخص يعرفونه
نزيف، افرازات، آلام أو تورم في منطقة الأعضاء التناسلية أو الشرجية
تغييرات في مزاجهم، شعورهم بالاضطراب والغضب، أو أي شيء غير عادي.
كيفية مساعدة الأشخاص الذين تعرضوا للعنف الجنسي
من المهم تقديمه للناجين والناجيات من العنف هو مجرد الاستماع والإنصات وتصديق ما يقول وأيضًا القيام بتأكيد مشاعره، وطرح الأسئلة اللازمة (من دون الخوض في تفاصيل الاعتداء في حال كان اغتصاب) وتجنب الحكم على الضحية أو إلقاء اللوم عليه وساعده في استكشاف الخيارات والموارد المتاحة في الوقت الراهن، مثل اللجوء للرعاية الطبية، أو الإبلاغ عن الاعتداء، أو الاتصال بخط ساخن للإبلاغ عن الإساءة، أو اللجوء للعلاج النفسي
فعلى الرغم من أنك قد تمتلك آراء وحلول قوية يجب تركها جانبًا، فالناجي يجب أن يتخذ كل قرار لنفسه وعندما يشعرون بأنهم جاهزون للقيام بذلك
الاغتصاب وآثاره
على الرغم من الألم والمعاناة التي يُقاسيها المعنفين جنسيًا إلا أن الاغتصاب أشد ألمًا مما ذكر في السابق
حيث يمكن أن يتسبب الاغتصاب في إحداث تغييرات نفسية وجسدية قوية للشخص المتضرر وقد تستمر معه طوال الحياة، فالتعامل مع الآثار اللاحقة للاغتصاب هو كابوس، فغالبًا ما يمكن علاج الأذى الجسدي في وقت قصير، لكن الألم الداخلي الذي لا يستطيع الناس رؤيته هو الذي يستغرق وقتًا طويلًا جدًا، كما أنه من الصعب التعامل معه لأنه ليس كالشفاء بعد الجراحة، فلا يوجد حد زمني محدد. والندوب العاطفية التي تسبب فيها الفاعل تبقى مع الضحية مدى الحياة
ويعتبر اضطراب ما بعد الصدمة أحد النتائج الشائعة والخطيرة التي يمكن أن تنشأ نتيجة هذه التجربة المروعة
فالناجين من الاغتصاب قد يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة بشكل متفاوت، حيث يمكن أن يؤثر هذا الاضطراب على جميع جوانب حياتهم. من تغيير في السلوك والعلاقات الاجتماعية، إلى القلق المستمر والصعوبة في النوم، ومشاعر الانزعاج والانفصال
من الجدير بالذكر أن العلاج النفسي والدعم النفسي يمكن أن يساعدا الناجين في التعامل مع آثار الاغتصاب واضطراب ما بعد الصدمة. يعمل العلاج على مساعدة الناجين في معالجة الذكريات المؤلمة وتقليل حدة الأعراض، مما يساهم في تحسين جودة حياتهم وإعادة بناء الثقة والسيطرة على مشاعرهم واستعادة روحهم
اضطراب كرب ما بعد الصدمة
اضطراب ما بعد الصدمة هو رد فعل للتعرض لحدث يقع خارج نطاق التجربة الإنسانية العادية. ويشار إليها أحيانًا باسم متلازمة الاغتصاب ما بعد الصدمة أيضًا. إنه رد فعل إنساني طبيعي تجاه موقف غير طبيعي، يتفاعل كل شخص بشكل مختلف مع المواقف المختلفة، ففي إحدى الدراسات، ما يقرب من 75% من الناجين من الاعتداء الجنسي استوفوا معايير التشخيص لاضطراب ما بعد الصدمة بعد شهر واحد من الاعتداء، وما يقرب من 48% ما زالوا يستوفون المعايير بعد مرور عام على الاعتداء فقد تظهر الأعراض بعد فترة وجيزة من الصدمة أو بعد مرور خمسين عامًا، وقد تشمل أعراض اضطراب ما بعد الصدمة إعادة تجربة الحدث الصادم، وتجنب التذكير بالصدمة، والذهول بسهولة، وامتلاك أفكار ومعتقدات سلبية، وتُبرز التجارب المؤلمة مهارات البقاء على قيد الحياة التي تعتبر ذات قيمة ومفيدة في وقت الصدمة، ولكنها عادةً ما تصبح أقل قيمة وأقل فائدة وأقل فعالية بمرور الوقت، وفي بعض الأحيان يصبح الناجون عالقين في السلوكيات الإشكالية عندما لا يتم الاعتراف بألمهم أو سماعه أو احترامه أو فهمه، ويلعب الإنكار دورًا كبيرًا هنا (لم يحدث ذلك، أو لا ينبغي أن يؤثر عليِّ). إن الإهمال، وتجاهل الألم، وسوء التشخيص، وغيرها من أشكال الإصابات الثانوية، تجعل الناجين عالقين في دوامات من الأفكار المؤلمة
الأعراض
اضطراب ما بعد الصدمة
التعرض المباشر للموت الفعلي، أو التهديد بالموت، أو إصابة جسدية خطيرة أو اعتداء جنسي عبر واحد
التعرض مباشرة للحدث الصادم
المشاهدة الشخصية للحدث عند حدوثه لآخرين
المعرفة بوقوع الحدث الصادم لأحد أفراد العائلة أو الأصدقاء المقربين. في حالات الموت الفعلي، أو التهديد بالموت لأحد أفراد العائلة أو الأصدقاء المقربين. فالحدث يجب أن يكون عنيفًا أو مروعًا
التعرض المتكرر أو التعرض الشديد لتفاصيل مؤلمة للحدث الصادم. (على سبيل المثال، أول المستجيبين لجمع البقايا الجسدية للضحايا.)
وجود واحد (أو أكثر) من الأعراض المقتحمة التالية المرتبطة بالحدث الصادم والتي بدأت بعد الحدث الصادم:
الذكريات المؤلمة المتطفلة المتكررة وغير الطوعية عن الحدث الصادم
ملاحظة: في الأطفال الأكبر سنًا من 6 سنوات، يمكن التعبير عن هذه الذكريات من خلال اللعب المتكرر حول مواضيع أو جوانب الحدث الصادم
أحلام مؤلمة متكررة حيث يرتبط محتوى الحلم و/أو الوجدان في الحلم بالحدث الصادم
ملاحظة: عند الأطفال، قد يكون هناك أحلام مخيفة دون محتوى يمكن التعرف عليه
ردود فعل تفارقية مثل (flashbacks) ومضات الذاكرة) حيث يشعر الفرد أو يتصرف كما لو كان الحدث الصادم يتكرر. (قد تحدث ردود الفعل هذه بشكل مستمر، وأحيانًا يمكن أن يصل التعبير الأقصى إلى فقدان الوعي بالمحيط)
ملاحظة: عند الأطفال، قد يحدث إعادة تمثيل محدد للصدمة خلال اللعب
الإحباط النفسي الشديد أو لفترات طويلة عند التعرض لمحفزات داخلية أو خارجية، والتي ترمز أو تشبه جانبًا من الحدث الصادم
ردود الفعل الفسيولوجية عند التعرض لمحفزات خارجية أو داخلية، والتي ترمز أو تشبه جانبًا من الحدث الصادم
العلاج
يمكن أن يساعدك العلاج لاضطراب ما بعد الصدمة على استعادة الشعور بالسيطرة على حياتك
فالعلاج الأساسي هو العلاج النفسي، ولكن يمكن أن يشمل أيضًا الأدوية ويمكن أن يساعد الجمع بين هذه العلاجات في تحسين الأعراض عن طريق:
تعليمك المهارات اللازمة لمعالجة الأعراض الخاصة بك.
مساعدتك على التفكير بشكل أفضل في نفسك والآخرين والعالم.
تعلم طرق التعامل في حالة ظهور أي أعراض مرة أخرى.
علاج المشكلات الأخرى المرتبطة غالبًا بالتجارب المؤلمة، مثل الاكتئاب، أو القلق أو إساءة استخدام الكحول أو المخدرات.
يمكن استخدام عدة أنواع من العلاج النفسي، لعلاج الأطفال والبالغين الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة ومن بعض أنواع العلاج النفسي المستخدمة في علاج اضطراب ما بعد الصدمة تشمل:
العلاج المعرفي السلوكي (CBT)- يساعدك هذا النوع من العلاج على التعرف على طرق التفكير (الأنماط المعرفية) التي تبقيك عالقًا في الاضطراب فعلى سبيل المثال يعالج، المعتقدات السلبية عن نفسك وخطر حدوث أشياء صادمة مرة أخرى. بالنسبة لاضطراب ما بعد الصدمة، غالبًا ما يُستخدم العلاج المعرفي جنبًا إلى جنب مع العلاج بالتعرض
إزالة حساسية حركة العين وإعادة معالجتها (EMDR)- يجمع هذا العلاج بين العلاج بالتعرض وسلسلة من حركات العين الموجهة التي تساعدك على معالجة الذكريات المؤلمة وتغيير كيفية تفاعلك معها
ويمكن أن يساعدك المعالج الخاص بك على تطوير مهارات إدارة التوتر لمساعدتك على التعامل بشكل أفضل مع المواقف العصيبة والتعامل مع التوتر في حياتك
كل هذه الأساليب يمكن أن تساعدك على السيطرة على الخوف الدائم بعد وقوع حدث صادم. يمكنك أنت وأخصائي الصحة النفسية الخاص بك مناقشة نوع العلاج أو مجموعة العلاجات التي قد تلبي احتياجاتك على أفضل وجه
يمكنك تجربة العلاج الفردي أو العلاج الجماعي أو كليهما. يمكن أن يوفر العلاج الجماعي وسيلة للتواصل مع الآخرين الذين يمرون بتجارب مماثلة
وبسبب أن اضطراب كرب ما بعد الصدمة يؤدي إلى اختلالات في الإفرازات الهرمونية في الدماغ فلا بد من مرافقة الدواء، ويمكن أن تساعد عدة أنواع من الأدوية في تحسين أعراض اضطراب ما بعد الصدمة:
مضادات الاكتئاب - يمكن لهذا الدواء أن يساعد في علاج أعراض الاكتئاب والقلق. يمكنه أيضًا المساعدة في تحسين مشاكل النوم والتركيز. تمت الموافقة على أدوية مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRI) سيرترالين (زولوفت) وباروكستين (باكسيل) من قبل إدارة الغذاء والدواء (FDA) لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة
الأدوية المضادة للقلق - يمكن لهذا الدواء تخفيف القلق الشديد والمشاكل ذات الصلة وبعض الأدوية المضادة للقلق لديها خاصية إساءة استخدامها، لذلك يتم استخدامها بشكل عام لفترة قصيرة فقط
جميع أنواع العلاجات السابقة لا تؤخذ أو تمارس إلا من خلال أخصائي الرعاية النفسية الأطباء أو الأخصائيين (post-traumatic stress disorder (PTSD), 2022)
تقديم خدمات إدارة الحالة: تقوم على مجموعة من الخطوات والادوات التي تعنى بتقديم الخدمات للناجين والناجيات من العنف المبني على النوع الاجتماعي ومنها حالات العنف الجنسي
تقديم خدمات الدعم النفسي الاجتماعي وبرامج التمكين
التوصيات
العنف الجنسي هو مشكلة خطيرة تؤثر على الكثير من الأفراد والمجتمعات وهذه بعض التوصيات التي تساهم في الحد من العنف الجنسي في المجتمع والوقاية من العنف الجنسي:
التثقيف والتوعية
نشر الوعي حول مفهوم العنف الجنسي وأنواعه وتأثيراته على الضحايا والمجتمع بشكل عام
تقديم معلومات دقيقة حول حقوق الفرد وموارد الدعم المتاحة للضحايا
تعزيز ثقافة الاحترام
تعزيز ثقافة الاحترام المتبادل بين الأفراد في جميع المجتمعات
تشجيع التعليم والحوار حول مفهوم موافقة الطرفين في أي علاقة جنسية
تعزيز التشريعات وتنفيذها
تحسين وتشديد التشريعات المتعلقة بالعنف الجنسي وتوفير عقوبات صارمة للمرتكبين
تعزيز نظام العدالة الجنائية لضمان محاكمة عادلة وسريعة للمتهمين
تقديم الدعم للضحايا
توفير دعم نفسي واجتماعي للضحايا عبر خدمات مختصة ومتخصصين
تقديم مساحة آمنة للضحايا للتحدث عن تجاربهم دون الخوف من الانتقام
تعزيز التدريب والوعي للمهنيين
توفير تدريب متخصص للمهنيين في مجالات مختلفة مثل الرعاية الصحية والإنصاف الجنائي والتعليم
تعزيز الوعي بكيفية التعامل مع الضحايا وتقديم الدعم اللازم لهم
تشجيع البحث وجمع البيانات
دعم البحوث المتعلقة بالعنف الجنسي لفهم أفضل للأسباب والعوامل المؤدية إليه
جمع البيانات الدقيقة والموثوقة حول حجم ونطاق العنف الجنسي
التحدي من ثقافة الكتمان
تحدي ثقافة الكتمان والتقاعس عن الإبلاغ عن حالات العنف الجنسي
تشجيع الضحايا على الإبلاغ عن أي حالات عنف جنسي وتوفير وسائل آمنة للإبلاغ
تفعيل دور وسائل الإعلام
دور وسائل الإعلام في نشر الوعي وتسليط الضوء على مشكلة العنف الجنسي
تشجيع وسائل الإعلام على تقديم تغطية دقيق.